عادت قضية سرقة الأمانات الضريبية والتي تعرف إعلاميا بـ”سرقة القرن” في العراق إلى الواجهة مجددا، بعدما أعلنت هيئة النزاهة الحكومية عن ارتفاع نسبة المبالغ المسروقة إلى الضعف، بالتزامن مع ارتفاع أعداد المتهمين بالسرقة إلى أكثر من 30 متهما ومدانا.
وكشف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون عن تفاصيل جديدة، مبينا نجاح الهيئة في استعادة بعض المتهمين من أصحاب الشركات الضالعة في السرقة، بينهم قاسم محمد الذي كان يشغل منصب المدير المفوض لشركة “الحوت الأحدب” بعدما ألقي القبض عليه في اربيل حيث بلغت السرقات المسجلة باسمه 988 مليار دينار (نحو 7 ملايين دولار) مشيرا إلى أنها ليست أرقاما نهائية.
ودعا حنون مدير هيئة الضرائب إلى الإعلان عن كمية الأموال المسروقة في مؤشر على عدم معرفة هيئة النزاهة إجمالي المبلغ المسروق.
غير أن مراقبين أكدوا أن المبالغ المسروقة في نفس القضية وصلت إلى أكثر من 8 مليارات دولار موزعة على جميع المدانين والمتهمين، بعد ما أعلن خلال المرة الأولى أن المبالغ المسروقة بلغت 2.5 مليار دولار.
وبين مصدر في لجنة مكافحة الفساد أن حجم المبالغ المسروقة في قضية الأمانات الضريبية ناهز 8 مليارات دولار، مشيرا إلى وجود معلومات لا يمكن البوح بها في الوقت الحاضر، لتأثيرها على سير التحقيقات وتتبع حركة المطلوبين والأموال، خاصة بعدما وصل حجم الأموال المسروقة إلى الضعف.
وأُعلن عما يعرف بسرقة القرن على خلفية اشتراك تحالف مؤلف من 5 شركات وهمية في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي (نحو 2.5 مليار دولار) من الأموال التي أودعتها كبرى شركات النفط في حساباتها الضريبية باستخدام أوراق وشيكات مزيفة.
وفي ذات الصدد، يبين رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي موسى فرج أن “سرقة القرن” ورغم ضخامتها لن تكون الأولى ولا الأخيرة، إلا أن أهميتها تأتي من كونها قضية نموذجية للفساد المافيوي، وينبغي اعتمادها كـ”دراسة حالة” لطبيعة الفساد في البلاد لتوافر معظم عناصر الفساد فيها.
ويقول فرج إن بيئة ممارسة الفساد ومساهمة الأطراف التشريعية والتنفيذية في أعلى مراتبها تدل على وجود قصر نظر، حيث يتعاملون مع قضايا البلد من منطلق شخصي ضيق، خاصة بعدما قاموا بشن حملة هوجاء لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات والتي تمثل خط الصد الأول لمواجهة الفساد.
وأشار إلى أن الأطراف التي هيمنت على أمانة مجلس الوزراء ومكتب رئيس الحكومة -ومنذ حقبة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي سعت باستماتة للتخلص من الكفاءات، وزجت بدلا عنها بالموالين حزبيا والذين يتعاملون مع قضايا الفساد بشكل مظهري أو انتقائي.
وطالب فرج بتوسيع التحقيق ليشمل كل الذين تواطؤوا أو فتحوا الطريق أمام السارقين بدءا من رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب مرورا برئيس الحكومة ووزير المالية والمديرين العامين وكل من له علاقة مباشرة وغير مباشرة، وعدم حصر الأمر بالسارقين المباشرين.
وفي هذا الاطار ألقي القبض في وقت سابق على المتهم محمد فلاح الجنابي، وهو المدير المفوض لشركة “القانت” والمتهم بسرقة تريليون و85 مليار دينار (نحو 7 ملايين دولار) عبر 79 صكا مزورا، إلى جانب إيقاف المتهم الثالث بسرقة الأمانات الضريبية، بمساعدة دولة الإمارات، والذي سوف يتم استرداده قريبا حسب مصدر حكومي عراقي .
الذي بين ات المتهم الرابع هو علاء خلف مران، الهارب حاليا خارج البلاد، وكان منسوبا بمكتب رئيس الوزراء الكاظمي حينها، وهناك أيضا المتهم حسين كاوه ويشغل منصب مدير مفوض لإحدى الشركات المتهمة بالسرقة، والذي ما زال موقوفا اقليم كردستان وبحسب المصدر فان المساعي جارية مع إقليم كردستان لاسترداده مع مشتبه آخر موقوف أيضا ومتهم بسرقة 624 مليار دينار، من خلال 37 صكا.
وكشف المصدر أن عدد المتهمين فاق الثلاثين، وقد تم استرداد أكثر من مليوني دولار و155 مليون دينار عراقي، مؤكدا أن المتهم الأول نور زهير أفرج عنه بكفالة وهو خارج السجن ، ويختم المصدر بالقول ثمة اسماء اخرى جرى التكتم عليها لسببين : الاول لعدم كشف خطط الفريق الذي يستكمل التحقيق والثاني لارتباط بعض الاسماء بالقوى الميليشياوية المدعومة من ايران ذات النفوذ الواسع في العراق والتي تعيق تطور التحقيق .